دعاء الصباح
مروي عن أمير المؤمنين صلوات الله
وسلامه عليه .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
( اَللَّـهُمَّ يا مَنْ دَلَعَ لِسَانَ الصَّباحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ
، وَسَرَّحَ قِطَعَ الَّلَيْلِ المُظْلِمِ بِغَياهِبِ تَلَجْلُجِهِ ،
وَأَتْقَنَ صُنْعَ الفَلَكِ الدَّوَّارِ في مَقاديرِ تَبَرُّجِهِ ،
وَشَعْشَعَ ضِياءَ الشَّمْسِ بِنُورِ تَأَجُّجِهِ ، يا مَنْ دَلَّ عَلى
ذاتِهِ بِذاتِهِ ، وَتَنَزَّهَ عَنْ مُجانَسَةِ مَخْلُوقاتِهِ ،
وَجَلَّ عَنْ مُلاءَمَةِ كَيْفِيَّاتِهِ ، يا مَنْ قَرُبَ مِنْ
خَطَراتِ الظُّنُونِ ، وَبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ العُيُونِ ، وَعَلِمَ
بِما كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ، يا مَنْ أَرْقَدَني في مِهادِ
أَمْنِهِ وَأَمانِهِ ، وَأَيْقَظَني إِلى ما مَنَحَني بِهِ مِنْ
مِنَنِهِ وَإِحْسانِهِ ، وَكَفَّ أَكُفَّ السُّوءِ عَنِّي بِيَدِهِ
وَسُلْطانِهِ ، صَلِّ اللِّـهُمَّ عَلَى الدَّليلِ إِلَيْكَ فِي
اللَّيْلِ الأَلْيَلِ ، وَالماسِكِ مِنْ أَسْبَابِكَ بِحَبْلِ
الشَّرَفِ الأَطْوَلِ ، وَالنَّاصِعِ الحَسَبِ في ذِرْوَةِ الكاهِلِ
الأَعْبَلِ ، وَالثَّابِتِ القَدَمِ عَلى زَحَالِيفِها فِي الزَّمَنِ
الأَوَّلِ ، وَعَلى آلِهِ الأَخْيارِ المُصْطَفَيْنَ الأَبْرارِ ،
وَافْتَحِ اللَّـهُمَّ لَنا مَصاريعَ الصَّباحِ بِمَفاتيحِ الرَّحْمَةِ
وَالفَلاحِ ، وَأَلْبِسْنِي اللَّـهُمَّ مِنْ أَفْضَلِ خِلَعِ
الهِدايَةِ وَالصَّلاحِ ، وَأَغْرِسِ اللَّـهُمَّ بِعَظَمَتِكَ في
شِرْبِ جَناني يَنابيعَ الخُشُوعِ ، وَأَجْرِ اللَّـهُمَّ لِهَيْبَتِكَ
مِنْ أَمَاقِي زَفَراتِ الدُّمُوعِ ، وَأَدِّبِ اللَّـهُمَّ نَزَقَ
الخُرْقِ مِنِّي بِأَزِمَّةِ القُنُوعِ . إِلـهي إِنْ لَمْ
تَبْتَدِئْنِي الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفيقِ ، فَمَنِ
السَّالِكُ بي إِلَيْكَ في واضِحِ الطَّريقِ ، وَإِنْ أَسْلَمَتْني
أَناتُكَ لِقائِدِ الأَمَلِ وَالمُنَى ، فَمَنِ المُقيلُ عَثَراتي مِنْ
كَبَواتِ الهَوى ، وَإِنْ خَذَلَني نَصْرُكَ عِنْدَ مُحارَبَةِ
النَّفْسِ وَالشَّيْطانِ ، فَقَدْ وَكَلَني خِذْلانُكَ إِلى حَيْثُ
النَّصَبُ وَالحِرْمانُ . إِلـهي أَتَرَاني ما أَتَيْتُكَ إلا مِنْ
حَيْثُ الآمالِ ، أَمْ عَلِقْتُ بِأَطْرافِ حِبالِكَ إلا حينَ
باعَدَتْني ذُنُوبي عَنْ دارِ الوِصالِ ، فَبِئْسَ المَطِيَّةُ الَّتي
امْتَطَتْ نَفْسي مِنْ هَواهـا ، فَواهاً لَها لِما سَوَّلَتْ لَها
ظُنُونُها وَمُناها ، وَتَبّاً لَها لِجُرْأَتِها عَلى سَيِّدِها
وَمَوْلاها ، إِلـهي قَرَعْتُ بابَ رَحْمَتِكَ بِيَدِ رَجائي ،
وَهَرَبْتُ إِلَيْكَ لاجِئاً مِنْ فَرْطِ أَهْوَائي ، وَعَلَّقْتُ
بِأَطْرافِ حِبالِكَ أَنامِلَ وَلائي ، فَاْصْفَحِ اللَّـهُمَّ عَمَّا
كُنْتُ ( كانَ ) أَجْرَمْتُهُ مِنْ زَلَلِي وَخَطَائي ، وَأَقِلْني
مِنْ صَرْعَةِ رِدَائي ، فَإِنَّكَ سَيِّدي وَمَوْلاي ، وَمُعْتَمَدي
وَرَجائي ، وَأَنْتَ غايَةُ مَطْلُوبي وَمُنايَ في مُنْقَلَبي
وَمَثْوايَ . إِلـهي كَيْفَ تَطْرُدُ مِسْكيناً الْتَجَأَ إِلَيْكَ
مِنَ الذُّنُوبِ هارِباً ، أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ مُسْتَرْشِداً قَصَدَ
إِلى جَنابِكَ ساعِياً ، أَمْ كَيْفَ تَرُدُّ ظَمآنَ وَرَدَ إِلى
حِياضِكَ شارِباً ، كَلاَّ وَحِياضُكَ مُتْرَعَةٌ في ضَنْكِ المحُولِ ،
وَبابُكَ مَفْتُوحٌ لِلطَّلَبِ وَالوُغُولِ ، وَأَنْتَ غايَةُ
المَسْؤُولِ ( السُّؤْلِ ) وَنِهايَةُ المَأمُولِ . إِلـهي هذِهِ
أَزِمَّةُ نَفْسي عَقَلْتُها بِعِقالِ مَشِيَّتِكَ ، وَهذِهِ أَعْباءُ
ذُنُوبي دَرَأتُها بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ ، وَهذِهِ أَهْوائِي
المُضِلَّةُ وَكَلْتُها إِلى جَنابِ لُطْفِكَ وَرَأفَتِكَ ، فَاجْعَلِ
اللَّـهُمَّ صَباحِي هَذا نَاِزلاً عَلَيَّ بِضِياءِ الهُدى ،
وَبِالسَّلامَةِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيا ، وَمَسَائِي جُنَّةً مِنْ
كَيْدِ العِدَى ، وَوِقايَهً مِنْ مُرْدِياتِ الهَوى ، إِنَّكَ قادِرٌ
عَلى ما تَشاءُ ، تُؤتِي المُلْكَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَنْزِعُ المُلْكَ
مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ ،
بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّـكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ، تُولِجُ
اللَّيْلَ في النَّهارِ ، وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ،
وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ، وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ
الحَيِّ ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ، لا إِلـهَ إِلاَّ
أَنْتَ ، سُبْحانَكَ اللَّـهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، مَنْ ذَا يَعْرِفُ
قَدْرَكَ فَلا يَخافُكَ ، وَمَنْ ذَا يَعْلَمُ مَا أَنْتَ فَلا
يَهابُكَ ، أَلَّفْتَ بِقُدْرَتِكَ الفِرَقَ ، وَفَلَقْتَ بِلُطْفِكَ
الفَلَقَ ، وَأَنَرْتَ بِكَرَمِكَ دَيَاجِيَ الغَسَقِ ، وَأَنْهَرْتَ
المِياهَ مِنَ الصُّمِّ الصَّيَاخِيدِ عَذْباً وَأُجَاجاً ،
وَأَنْزَلْتَ مِنَ المُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ، وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ
وَالقَمَرَ لِلْبَرِيَّةِ سِراجاً وَهَّاجاً ، مِنْ غَيْرِ أَنْ
تُمارِسَ فِيمَا ابْتَدَأتَ بِهِ لُغُوباً وَلا عِلاجاً ، فَيَا مَنْ
تَوَحَّدَ بِالعِزِّ وَالبَقاءِ ، وَقَهَرَ عِبادَهُ بِالمَوْتِ
وَالفَنَاءِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأَتْقِياءِ ، وَاسْمَعْ
نِدَائِي ، وَاسْتَجِبْ دُعَائِي ، وَحَقِّقْ بِفَضْلِكَ أَمَلي
وَرَجائي ، يا خَيْرَ مَنْ دُعِي لِكَشْفِ الضُّرِّ ، وَالمَأمُولِ
لِكُلِّ عُسْرٍ وَيُسْرٍ ، بِكَ أَنْزَلْتُ حَاجَتي ، فَلا تَرُدَّني
مِنْ سَنِيِّ مَواهِبِكَ خائِباً ، يا كَريمُ يا كَريمُ يا كَريمُ ،
بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى خَيْرِ
خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعينَ ) . ثم اسجد وقل : ( إِلَـهِي
قَلْبي مَحْجُوبٌ ، وَنَفْسي مَعْيُوبٌ ، وَعَقْلي مَغْلُوبٌ ،
وَهَوائي غالِبٌ ، وَطاعَتي قَليلٌ ، وَمَعْصِيَتي كَثيرٌ ، وَلِساني
مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ ، فَكَيْفَ حِيلَتي يا سَتَّارَ العُيُوبِ ، وَيا
عَلاَّمَ الغُيُوبِ ، وَيا كاشِفَ الكُرُوبِ اِغْفِرْ ذُنُوبي كُلَّها
بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، يا غَفَّارُ يا غَفَّارُ يا
غَفَّارُ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ ) . |